responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 374
عَنْ الْعَقْلِ فَأَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْأَمْرِ فَالْأَمْرُ بِالزَّكَاةِ وَأَمْثَالِهَا دَالٌّ عَلَى حُسْنِهَا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ يَتَنَاوَلُ الضَّرْبَ الْأَوَّلَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ حَسَنًا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا لَكِنَّا لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَالثَّانِي أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إتْيَانٌ بِالْمَأْمُورِ بِهِ حَسَنٌ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَرْكَ مُخَالَفَتِهِ مِمَّا يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِحُسْنِهِ خِلَافًا لِلْأَشْعَرِيِّ، فَإِنَّ شُكْرَ الْمُنْعِمِ عِنْدَهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ عَقْلًا، فَأَدَاءُ الزَّكَاةِ يَكُونُ حَسَنًا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إتْيَانٌ بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ حَسَنٌ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ إنَّمَا يَحْسُنُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ، وَهُوَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ طَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ حَسَنًا إمَّا لِعَيْنِهِ، وَإِمَّا لِجُزْئِهِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ حَسَنًا لِكَوْنِهِ إتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ الْمَعْنَيَانِ كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ حَسَنٌ لِعَيْنِهِ وَإِتْيَانٌ بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَقَدْ يُوجَدُ الْأَوَّلُ بِدُونِ الثَّانِي، وَإِذَا أَتَى بِهِ لِكَوْنِهِ حَسَنًا لِعَيْنِهِ أَوْ لِجُزْئِهِ لَكِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَأَيْضًا عَلَى الْعَكْسِ فِي الْحَسَنِ لَا لِجُزْئِهِ، وَلَا لِعَيْنِهِ لَكِنْ يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ، وَقَدْ أَتَى بِهِ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ كَالْوُضُوءِ فَعُلِمَ فَسَادُ مَا قَالَ أَنَّ كُلَّ الْمَأْمُورَاتِ حَسَنَةٌ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا بِهَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQحُسْنُ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ: كُلٌّ مِنْ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ عِبَادَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَالْعِبَادَةُ حَسَنَةٌ لِعَيْنِهَا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا حَسَنًا لِجُزْئِهِ فَيَكُونُ حَسَنًا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ التَّكَلُّفَاتِ قُلْنَا كَوْنُهُ عِبَادَةً مَخْصُوصَةً لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْعِبَادَةِ جُزْءًا مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْهُ صَادِقًا عَلَيْهِ، وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ إذْ لَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِ شَيْءٍ مِنْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَدْلًا وَإِحْسَانًا) لَا نِزَاعَ لِلْأَشْعَرِيِّ فِي كَوْنِ الْعَدْلِ عَدْلًا وَالْإِحْسَانِ إحْسَانًا قَبْلَ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي كَوْنِهِ مَنَاطًا لِلْمَدْحِ عَاجِلًا وَالثَّوَابِ آجِلًا.
(قَوْلُهُ: فَالْأَمْرُ بِالزَّكَاةِ وَأَمْثَالِهَا دَالٌّ عَلَى حُسْنِهَا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهَا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَمْرٌ مُطْلَقٌ بَلْ الْعَقْلُ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِهَا لِدَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ وَنَحْوِهِ.

[الْحَسَنُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ]
(قَوْلُهُ: فَذَلِكَ الْغَيْرُ إمَّا مُنْفَصِلٌ) عِبَارَةُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَضَرْبٌ مِنْهُ مَا هُوَ حَسَنٌ لِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ مَقْصُودٌ لَا يَتَأَدَّى بِاَلَّذِي قَبْلَهُ بِحَالٍ أَيْ بِالْمَأْمُورِ بِهِ الْحَسَنِ لِغَيْرِهِ، وَضَرْبٌ مِنْهُ مَا هُوَ حَسَنٌ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ لَكِنَّهُ أَيْ: ذَلِكَ الْغَيْرُ يَتَأَدَّى بِنَفْسِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَائِمِ بِنَفْسِهِ أَنْ لَا يَتَأَدَّى بِالْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ بَلْ يَفْتَقِرُ إلَى إتْيَانٍ بِهِ عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهِ مُنْفَصِلًا فَيَكُونُ مُغْنِيًا عَنْ ذِكْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَائِمِ بِنَفْسِهِ مَا لَا يَفْتَقِرُ فِي التَّحَيُّزِ وَالْإِشَارَةِ إلَى التَّبَعِيَّةِ لِلْغَيْرِ كَالْجَوَاهِرِ لِأَنَّ مِثْلَ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا عَرْضٌ فَكَيْفَ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 374
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست